هل رفع سيدنا المسيح إلى السماء؟ وهل لا يزال حياً؟؟ وهل سيعود إلى الأرض ليحكم بما أنزل الله تعالى؟ دعونا نتأمل الأدلة من القرآن الكريم....
يدعي بعضهم أن النبي عيسى عليه السلام مات ولن يعود مرة ثانية إلى الأرض قبل نهاية الكون. ويقولون إن الذي يموت لا يمكن أن يُبعث من جديد... ولذلك فكل ما ورد من أحاديث نبوية حول عودة المسيح هي أحاديث غير صحيحة.
دعونا نتأمل ما قاله القرآن الكريم.. ونثبت من القرآن الكريم أن سيدنا المسيح سيعود إلى الأرض ليملأها عدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً... وإليكم الدلائل التالية..
الدليل الأول
الله سبحانه وتعالى رفع المسيح عليه السلام ولم يتوفّه! فالله يقول: (وَ قَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا قَتَلُوهُ وَ مَا صَلَبُوهُ وَ لَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَ إِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَ مَا قَتَلُوهُ يَقِينًا) ]النساء: 157]. إذاً المسيح عليه السلام لم يُقتل ولم يُصلب، وبدأ الله بذكر القتل (وَ مَا قَتَلُوهُ) قبل ذكر الصلب (وَ مَا صَلَبُوهُ) لينفي أي احتمال لموت المسيح عليه السلام.. مع أن الصلب يسبق القتل فتأمل!
فالقرآن لم يذكر موت المسيح عليه السلام بل رفعه إلى السماء.. وبما أن القانون الإلهي يقضي بأن جميع البشر يجب أن يعودوا للأرض ويبعثوا منها.. لذلك فمن المنطقي أن يعود المسيح للأرض ويموت عليها ثم يبعث منها يوم القيامة.
الدليل الثاني
وقال في الآية التالية: (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَ كَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) [النساء: 158].. والرفع لا يكون لميت بل لحيّ! فما الفائدة من رفع ميت إلى السماء؟! وهذه الآية تدل على أن الله أنقذه ونجاه منهم برفعه للسماء.. ولكن ما هو الدليل على أن المسيح حيّ لم يمت بعد؟
الدليل الثالث
الله تعالى يقول مخاطباً سيدنا آدم وزوجه: (قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَ فِيهَا تَمُوتُونَ وَ مِنْهَا تُخْرَجُونَ) [الأعراف: 25].. فالموت يكون على الأرض والإخراج يكون يوم القيامة من الأرض.. فالمسيح حقق الجزء الأول وهو الحياة على الأرض.. إذاً لابد أن المسيح عليه السلام سوف ينزل إلى الأرض ويموت على الأرض ويُبعث فيها.. وبذلك تتحقق الآية الكريمة بحياة البشر على الأرض ثم موتهم فيها ثم إخراجهم منها.. وهذا دليل على أن المسيح سيعود.
الدليل الرابع
ولذلك قال: (وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا) [النساء: 159]. وهذا يعني أن المسيح سيعود للأرض ليؤمن به أهل الكتاب وذلك قبل أن يموت المسيح.. فكلمة (مَوْتِهِ) تعود على المسيح.. أي أن المسيح قبل أن يموت لابد أن يؤمن به أهل الكتاب.. لماذا أهل الكتاب وليس الناس وليس المسلمون.. لأن المسلمين أصلاً يؤمنون بالمسيح عليه السلام.. ولكن الذين يعتبرونه أنه إلهاً سوف يؤمنون به كرسول كريم.
الدليل الخامس
قال تعالى: (وَ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَ لَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَ رَبَّكُمْ وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَ أَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المائدة: 116-117].
هذه الآية يخاطب الله فيها سيدنا عيسى عليه السلام بعد أن توفاه الله إليه.. والمسيح في حياته لم يدّعِ أحد أنه إله، ولم تكن هذه الفكرة قد اخترعت إلا بعد أن رفع الله المسيح إليه.. وبالتالي سوف يعود المسيح إلى الأرض فيؤمن أهل الكتاب به.. يؤمنون به كرسول وليس كإله.. وبعد أن يتوفاه الله يكون هذا الخطاب يوم القيامة.
لذلك قال لربه (وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ)، أي طيلة الفترة التي عاشها مع قومه سواء عندما بُعث رسولاً لهم أو بعد عودته إلى الأرض.. لأنه سوف يُلغي فكرة الصلب والألوهية ويلغي الكثير من الافتراءات مثل تحليل أكل الخنزير وهو محرم طبعاً في كل الشرائع لأن المشرّع واحد سبحانه وتعالى....
والآن عزيزي القارئ.. هل اقتنعت معي بأن عودة المسيح عليه السلام إلى الأرض هي أمر حتمي؟ وهل أصبح لديك يقين بصدق كلام حبيبنا عليه الصلاة والسلام عندما أشار إلى حتمية نزول المسيح عليه السلام؟ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً فيكسرَ الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة خيراً من الدنيا وما فيها). ثم يقول أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: (وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا) [رواه البخاري].
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل