دعونا نتأمل ذكر الليل والنهار والشمس والقمر في القرآن الكريم، ونكتشف التناسق بين الكون والقرآن بشكل مذهل... |
بما أن الله الذي خلق الكون هو الذي أنزل القرآن فلا بدّ أن نجد التناسق والتطابق بين الكون والقرآن، فالكون هو كتاب الله المنظور، والقرآن هو كتاب الله المقروء. وسوف نعيش مع سرّ من أسرار القرآن ونسبح الخالق العظيم أن هدانا لهذه المعجزات عسى أن نزداد إيماناً وتثبيتاً.
دورة القمر
يدور القمر حول نفسه من اليسار إلى اليمين باتجاه السهم المبين على الرسم، ويدور هذا القمر حول الأرض من اليسار إلى اليمين، وتدور الأرض حول نفسها من اليسار إلى اليمين، وتدور هذه الأرض حول الشمس من اليسار إلى اليمين أيضاً، إذن تتم جميع الدورات باتجاه واحد وهو من اليسار باتجاه اليمين، وربما نعجب إذا علمنا أن الطواف حول الكعبة المشرفة يكون من اليسار إلى اليمين أيضاً، بما يتوافق مع دوران هذه الأجسام الكونية!!
المصدر http://www.hermit.org/eclipse/why_sun.html
إذا خرجنا في ليلة مقمرة وتأملنا القمر في السماء، وقلنا كما قال الحبيب الأعظم: (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران: 191]. ثم قمنا بتصوير هذا القمر بكاميرا حديثة فإننا في اليوم التالي سوف نجد أن القمر قد أخذ وضعية مختلفة، وفي اليوم الثالث أيضاً سيكون له وضع مختلف من حيث موضعه في السماء وشدة النور المنعكس عنه.
وحتى لو عدنا في الشهر التالي فرصدنا القمر فسنجد أن له أوضاعاً مختلفة ولن تتطابق مع الصورة التي التقطناها أول مرة، وهنا نتذكر قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [يونس: 5]. والسؤال:
متى تتكرر الصورة التي التقطناها أول مرة؟ وبعبارة أخرى: متى يعيد القمر دورته فيأخذ الوضع ذاته في السماء؟ لقد اكتشف العلماء دورة للقمر تتكرر كل 19 عاماً، وهذه الدورة لاحظها القدماء منذ آلاف السنين، وحديثاً تسمىMoon's Metonic Cycle يعيد القمر ذاته كل 19 عاماً [1].
معجزة اتجاه الدوران
صورة رائعة للقمر وهو في أقرب نقطة من الشمس، إن دورة القمر تتكرر كل 19 سنة. المصدر www.nasa.gov
القمر يدور دورة حقيقية بالنسبة لنجم ثابت sidereal period كل 27.322 يوماً، أي كل 27 يوماً تقريباً، ولذلك نجد أن كلمة (قمر) تكررت في القرآن كله 27 مرة!!! ولكن دوران القمر حول الأرض بالنسبة لنا يستغرق 29.53 يوماً، وهذه المدة غير حقيقية، لأنها تتأثر بدوران الأرض حول نفسها وحول الشمس.
الأرض تتم دورة كاملة حول الشمس كل 365.2422 يوماً، والشمس أيضاً تدور حول مركز المجرة لتتم دورة كل 250 مليون سنة، وهنا نستحضر قوله تعالى: (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) [يس: 40]. ولو تأملنا دوران الإلكترونات في الذرة نجد أنها تدور من اليسار باتجاه اليمين بنفس اتجاه دوران الشمس والقمر والأرض.
ولو تأملنا اتجاه دوران هذه المخلوقات نجدها جميعاً تدور من اليسار إلى اليمين، وهذه إحدى الحقائق العلمية المكتشفة حديثاً، وهذا يدعونا للتساؤل عن سر اتجاه طواف المؤمن حول الكعبة، إذ أننا نجد أن اتجاه الطواف هو نفس اتجاه حركة الأجسام الكونية، وقد يكون سر هذا التوافق أن الله تعالى يريد منا أن نتوافق مع الكون في تسبيحه لخالقه عز وجل، يقول تعالى: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [الإسراء: 44].
دورة الشمس
هنالك نظام في الشمس يتكرر كل 11 سنة ويسمى دورة الشمس solar cycle ونستطيع أن نرى اليوم نشاطات إشعاعية ومغنطيسية في الشمس، هذه النشاطات تتغير باستمرار ولكنها تتكرر كل 11 سنة وسطياً [2].
الشمس والقمر في القرآن
في هذا الرسم تم رصد 27 دورة للشمس خلال 297 عاماً، بمعدل دورة كل 11 عاماً. المصدر The Sunspot Cycle,www.phys.utk.edu
إذا تتبعنا آيات القرآن نلاحظ أن كلمة (الشمس) تأتي دائماً قبل كلمة (القمر)، مثلاً يقول تعالى: (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) [الرعد: 2].
ويمكننا أن نستنتج أن الله قدّم ذكر الشمس على ذكر القمر لأن الشمس هي الأصل، وفي هذا إشارة لطيفة إلى أصل القمر وهو من الشمس. والشيء الذي لفت انتباهي أن كلمة (الشمس) تتكرر في القرآن أكثر من كلمة (القمر)!
فكلمة (الشمس) وردت في القرآن كله 33 مرة، أما كلمة (القمر) فقد وردت بعدد أقل وهو 27 مرة وذلك في القرآن كله. وهذه لمحة إعجازية رقمية تناسب ترتيب كلمات القرآن الكريم.
اجتماع مذهل!
يقول علماء الفلك إن الشمس تجتمع مع القمر في الوضعية ذاتها كل 19 سنة، والعجيب جداً أن كلمة (الشمس) اجتمعت مع كلمة (القمر) في القرآن كله بالتمام والكمال 19 مرة، أي أن عبارة (الشمس والقمر) قد تكررت في القرآن كله 19 مرة!!
الليل والنهار في القرآن
نعلم من الحقائق الكونية الجديدة أن الليل هو الأساس والأصل، فقد مرَّ الكون في بداية خلقه بعصر مظلم استمر طويلاً، ثم بدأ النور بالظهور، وهذا يعني أن الظلام جاء أولاً ثم بعده النهار أو الضوء، ولذلك نجد في آيات القرآن كلمة (الليل) تسبق كلمة (النهار)، مثلاً يقول تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [النحل: 12]. إذن يأتي ذكر الليل قبل ذكر النهار لأن الليل هو الأصل.
والعجيب أن كلمة (الليل) تتكرر في القرآن بشكل أكبر من كلمة (النهار)!! فقد وردت كلمة (الليل) في القرآن كله 92 مرة، ووردت كلمة (النهار) بعدد أقل يساوي 57 مرة. فجاء ترتيب الليل والنهار مناسباً لتكرار كل منهما في القرآن، فسبحان الله!
الليل والنهار والشمس والقمر
لقد تكررت هذه الكلمات في القرآن والعجيب أن ترتيبها يأتي دائماً على هذا التسلسل، أي (الليل) أولاً ثم (النهار) ثم (الشمس) ثم (القمر)، ولنأخذ على سبيل المثال قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) [الأنبياء: 33].
والعجيب جداً أن هذه الكلمات تتكرر في القرآن بما يتناسب مع ترتيب ذكرها في الآية، أي أن كلمة (الليل) هي الأكثر تكراراً، ثم تليها كلمة (النهار) ثم تليها كلمة (الشمس) وأخيراً كلمة (القمر)!
كلمة (الليل) تكررت في القرآن 92 مرة.
كلمة (النهار) تكررت في القرآن 57 مرة.
كلمة (الشمس) تكررت في القرآن 33 مرة.
كلمة (القمر) تكررت في القرآن 27 مرة.
ونلاحظ التدرج من الأكبر فالأصغر: 92 – 57 – 33 – 27 ، وهنا نستنتج أن ترتيب تسلسل هذه الكلمات في القرآن يتناسب مع عدد مرات تكرارها في القرآن.
اجتماع كوني وقرآني!!
إن الله تعالى هو خالق الكون وهو منزل القرآن، إذن لا بد أن نجد التناغم والتناسق بين الكون والقرآن، وهذا ما فاجأني عندما اطلعتُ على هذه الحقيقة الرقمية المذهلة.
فمن خلال الحقائق الكونية التي رأيناها في بداية هذا البحث يمكننا أن نستنتج أن القمر يكرر نفسه كل 19 سنة في دورة كونية بديعة، أما الشمس فتكرر نفسها كل 11 سنة في دورة رائعة تتكرر بنظام. وبعبارة أخرى يمكننا أن نستنتج أن الوضع الكوني الخاص بالشمس والقمر يتكرر كل 19×11 سنة أي كل 209 سنوات.
وبما أن نسبة الظلام والنور (أو الليل والنهار) تحددها دورة الشمس المتمثلة بالرقم 11 ودورة القمر المتمثلة بالرقم 19، فإنه يمكننا القول إن الاجتماع الدقيق لليل والنهار والشمس والقمر يتم كل 19×11 أي كل 209 سنة.
والعجيب أننا عندما نحصي تكرار هذه الكلمات أي (الليل والنهار والشمس والقمر) وذلك في القرآن كله نجد أنها تتكرر:
92 + 57 +33 + 27 = 209
وهذا العدد 209 = 19 × 11 أي أن اجتماع الليل والنهار والشمس والقمر يتم كل 209 سنوات، وتتكرر هذه الكلمات الأربع في القرآن 209 مرات بعدد هذه السنوات!!
يؤكد علماء الفلك أن دورة القمر هي 19 سنة، ودورة الشمس 11 سنة، ولذلك فإن اجتماع الشمس والقمر في نفس الحالة الكونية يتكرر كل 19×11 سنة أي كل 209 سنوات، وبما أن الذي يحدد دورة الشمس والقمر هو النور الصادر من كل منهما، أي نسبة الليل والنهار، فإننا لو قمنا بإحصاء عدد كلمات الليل والنهار والشمس والقمر وجدناها 209 كلمات في القرآن كله، نفس عدد السنوات!! المصدر Science Daily, June 20, 2003
وجه الإعجاز
1- تأتي كلمة (الليل) قبل كلمة (النهار) في القرآن، وفي هذا إشارتين الأولى كونية: أن الليل هو الأصل ولذلك تقدم ذكره على النهار، والثانية رقمية: أن كلمة (الليل) تتكرر أكثر من كلمة (النهار) في القرآن ولذلك تقدم ذكرها.
2- تأتي كلمة (الشمس) قبل كلمة (القمر) في القرآن، وفي هذا إشارتين الأولى كونية: أن الشمس هي الأصل ولذلك تقدم ذكرها على القمر، والثانية رقمية: أن كلمة (الشمس) تتكرر أكثر من كلمة (القمر) في القرآن ولذلك تقدم ذكرها.
3- تأتي كلمات (الليل والنهار والشمس والقمر) على هذا الترتيب وذلك في القرآن كله، وفي ذلك إشارتين الأولى كونية: أن الليل أو الظلام هو الأكثر وجوداً في الكون حيث يشكل أكثر من 99 بالمئة منه، ثم يأتي النهار أو الضوء والذي لا يشكل إلا أقل من 1 بالمئة، ثم تأتي الشمس والتي هي أصغر ثم القمر، إذن هنالك تدرج في الحجم.
والإشارة الثانية رقمية حيث نجد أن كلمة (الليل) هي الأكثر تكراراً في القرآن تليها كلمة (النهار) ثم (الشمس) ثم (القمر).
4- تتكرر دورة الشمس وهي علامة النهار كل 11 سنة، وتتكرر دورة القمر وهو علامة الليل كل 19 سنة، وقد تكررت كلمات (الليل والنهار والشمس والقمر) في القرآن 19×11 مرة، بما يتطابق مع دورة كل منهما.
ولا يبقى لنا إلا أن نتساءل: هل جاء هذا التطابق الكوني والقرآني بالمصادفة، أم أن خالق الكون هو نفسه منزل القرآن؟؟ أنه القائل: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) [الزمر: 62].
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل