هذا سؤال وردني عدة مرات من بعض الإخوة الأفاضل، ولكي تعم الفائدة وجدت أنه من الضروري التوسع في هذا الأمر ...... |
هذا سؤال وردني عدة مرات من بعض الإخوة الأفاضل، ولكي تعم الفائدة وجدت أنه من الضروري التوسع في هذا الأمر، بهدف إيضاحه. وفي البداية أود أن أقول من الضروري الالتزام بمنهج ثابت في أي بحث علمي سواء في الإعجاز العددي أو الإعجاز العلمي.
كما في علم الرياضيات هناك أنظمة متعددة للعدّ، النظام العشري الذي نستخدمه وأساسه الرقم 10 والنظام الثنائي الذي يستخدمه المبرمجون في الكمبيوتر وأساسه الرقم 2 والنظام الستيني وأساسه الرقم 60 المستخدم قديماً وهكذا. فهذه أنظمة عددية لا تناقض بينها، فالعدد 10 مثلاً في النظام العشري يساوي عشرة (أي 0×1 + 1×10) = 10 ، وفي النظام الثنائي هو اثنان فقط (أي 0×1 + 1×2) = 2 ولا يوجد تناقض بين النظامين.
في القرآن الكريم نرى أكثر من نظام للعد وأكثر من طريقة لإحصاء الكلمات، فواو العطف عندما نعدها كلمة تنضبط الحسابات، ولكن في مواضع أخرى عندما نلحقها بالكلمة التي بعدها ولا نعدها كلمة تنضبط الحسابات أيضاً، وأحياناً تبقى الحسابات منضبطة في نفس الآية. والميزان الذي نعتمده دائماً هو عدم المصادفة في هذه النتائج.
كذلك هناك منهجين لعد الحروف: عدها كما تُلفظ أو عدها كما تُرسم، ولا يوجد تناقض بين الطريقتين، وهذا من عظمة القرآن وإعجازه، تماماً مثل القراءات القرآنية نرى بأن الآية تُقرأ على عدة وجوه وعلى الرغم من تعدد وجوه القراءة لا يوجد أي تناقض في المعنى ويبقى الإعجاز البلاغي قائماً.
بعد تجربة طويلة مع الإعجاز العددي اعتمدتُ طريقة عد واو العطف كلمة مستقلة، ولكن لا يمكنني أن أهمل بقية التناسقات العددية التي تنتج عن الطريقة الثانية أي عدم عد الواو كلمة. وكمثال على ذلك آية عظيمة يؤكد فيها رب العزة على أنه قد حفظ كتابه من التحريف وحفظه لنا بمعجزاته البلاغية والعلمية والعددية، يقول تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحفظون) [الحجر: 9].
لاحظ أن كلمة (لحافظون) كتبت من دون ألف هكذا (لحفظون)، الآن لو كتبنا العدد الذي يمثل كلمات الآية مصفوفاً نجد:
1- مع عد واو العطف كلمة مستقلة نجد:
إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحفظون
3 3 5 5 1 3 2 6
والعدد 62315533 من مضاعفات الرقم سبعة:
62315533 = 7 × 8902219
2- مع اعتبار واو العطف جزءاً من الكلمة التي بعدها نجد:
إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحفظون
3 3 5 5 4 2 6
يصبح العدد الآن 6245533 وهو من مضاعفات الرقم سبعة أيضاً:
6245533 = 7 × 892219
ففي الطريقة الأولى (مع عد واو العطف كلمة مستقلة) جاء العدد من مضاعفات الرقم سبعة، ولذلك فقد تابعت استخراج التناسقات حتى ثبت لي يقيناً وجود معجزة عددية في هذه الآية.
كذلك في الطريقة الثانية (مع اعتبار واو العطف جزءاً من الكلمة) نرى بأن العدد جاء من مضاعفات السبعة، ولو تابعنا استخراج التناسقات العددية لرأينا معجزة أيضاً، ونحن لا يمكن أن نهمل هذه ولا تلك، لذلك نعتمد كلتا الطريقتين، وهذا لا يضر بنا لأننا أصلاً مؤمنين بأن كل هذه التناسقات من عند الله تعالى.
أما لإقناع الملحد فقد تبين لي أن الملحد يراوغ كالثعلب من أجل تحقيق هدف واحد يسعى إليه وهو نقد أي معجزة نواجهه بها، ولذلك فإن مثل هذه المعجزات لن يهتدي بها إلا من كان في قلبه شيء من الخير، ولذلك قال تعالى: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) [الأنفال: 22-23].
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل