ما هو معنى قوله تعالى (وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجاً) وما هو وجه الإعجاز في هذه الآية الكريمة؟.... |
لا يوجد كتاب واحد على وجه الأرض يشبه القرآن الكريم في دقة كلماته وقوتها وبلاغتها العلمية، فقد ظن العلماء وحتى عهد قريب أن الغيوم ليس لها وزن، وما هي إلا هواء كثيف ينزل على شكل أمطار!! وعندما تطورت المعرفة البشرية أدرك العلماء أن هذه الغيوم ما هي إلا ماء تبخر من البحار والمحيطات ثم تكثف بفعل برودة الجو العالي، ومن ثم تحولت هذه الغيوم إلى قطرات مطر، لتعود إلى البحار وتتبخر من جديد وهكذا كل عام.
ولم يدرك أحد الدور المهم الذي تلعبه الشمس بوهجها وحرارتها في تبخير ماء البحر، حيث تبين أن هنالك دور مهم لحرارة وهج الشمس وتأثيرها المباشر على حركة ذرات بخار الماء؟ نعلم اليوم تماماً أن للشمس الدور الأكبر في تبخير الكميات الضخمة من مياه البحر، فكلما ارتفعت حرارة الشمس وزاد وهجها ازدادت كمية المياه المتبخرة.
وهنا يجب أن نميِّز بأن ضوء الشمس ليس هو الذي يقوم بالتبخير، بل وهج الشمس، أي كمية الإشعاعات المختلفة التي تبثها الشمس. فالشمس تبث الطيف الضوئي المرئي وتبث الأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية: هذا الطيف الكامل من الأشعة المرئية وغير المرئية يسمى بوهج الشمس. والقرآن الكريم يتحدث عن هذا الوهج ودوره في إنزال المطر، يقول عز وجل: (وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً * وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجاً) [النبأ: 13-14]، والمعصرات هي الغيوم الكثيفة.
وتأمل معي كلمة (وَهَّاجاً) وهي صفة حرارة الشمس التي سماها الله بالسراج المشتعل، وهذه تسمية دقيقة من الناحية العلمية. وكلمة (وَهَّاجاً) لم ترد في القرآن إلا في هذا الموضع، وجاء بعدها مباشرة الحديث عن إنزال المطر. إذن القرآن هو أول كتاب ربط بين وهج الشمس ونزول المطر بكلمتين: (وَهَّاجاً) و (ثَجَّاجاً).
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل